استمرار جرائم القتل
كانت الكويت عصر أمس على موعد مع جريمة قتل جديدة وأليمة راحت ضحيتها مواطنة شابة لم يكن لها ذنب سوى أن أجبرت على أن تدفع حياتها ثمنا للاستهتار والطيش، لتُحرم شبابها، وتُيتم طفلتاها، وتُشعل النار في قلوب ذويها ومحبيها وتسلبهم ابتساماتهم.
لم يأبه القاتل لقدسية وحرمة الشهر الفضيل ولا لعظمة إزهاق روح بشرية بريئة، بعدما تسللت الضغائن إلى قلبه منذ أشهر، دون أن تشفي غليله سابقة تجرؤه على خطفها أو يردعه حبسه عليها، ليضمر الشر والعداء في نفسه تجاه هذه المسكينة، حتى تمكن من إزهاق روحها وهي صائمة.
لقد خرجت المجني عليها من منزلها وهي تظن بأنها ستمارس حياتها الطبيعية بكل حرية وأمان، إلا أن القاتل تجرأ على اعتراض وانتهاك حريتها، وزرع الذعر والرعب في قلبها الذي لم تمر دقائق معدودة حتى توقفت نبضاته، ليناجي الضمائر الحية ويشكوها إراقة دماء سفكت منه حتى أسكتته دون وجه حق.
هذه الواقعة الأليمة تدعو الجميع إلى ضرورة تضافر ومضاعفة الجهود نحو مجابهة كافة مظاهر الجريمة، أبرزها «آفة المخدرات» المعروف أنها تقف وراء معظم جرائم القتل والسرقة.
كما أن جرائم قتل عدة وقعت طوال السنوات الأخيرة تبين بأن مرتكبيها يعانون من أمراض واختلالات نفسية خطيرة، وكان لافتا بأن معظم ضحاياهم من الأقرباء، ما يدعو الجهات المختصة إلى مراجعة تنظيم حياتهم بحيث تتم حماية أفراد المجتمع منهم.
ولا شك بأن التأني بالقصاص والتأخر بتنفيذ عقوبات الإعدام بحق المدانين بجرائم القتل العمد الواقعة خلال السنوات الماضية، قد ساهما كثيرا بتزايد أعداد هذه الجرائم، ما يتطلب إعادة تفعيل تنفيذ عقوبة الإعدام علنا، تحقيقا لعنصر الردع وتوفيرا للأمن في المجتمع.
كما أن تعجيل القصاص لا يتأتى إلا بتخصيص دائرة جزائية عاجلة تختص بمحاكمة مرتكبي مثل هذه الجرائم المجتمعية الخطيرة، بحيث تستنفد الإجراءات الفنية وإجراءات التحقيق والمحاكمة بدرجاتها الثلاث والقصاص خلال فترة لا تجاوز الشهر.
ويؤمل من جهات التحقيق التي عهدنا حرصها على أمن وسلامة المجتمع، أن تتشدد بمسألة إخلاء سبيل المتهمين، بحيث لا يتم الإفراج عن أي مجرم ترى أن خروجه من الحبس يشكل خطرا بالغا على حياة وممتلكات المواطنين والمقيمين.
أما وزارة الداخلية فهي مطالبة بمضاعفة جهودها من خلال انتشار أوسع للدوريات وعناصر الأمن في الشوارع، وإلا كيف يجرؤ شخص على توقيف فتاة وسط الشارع بكل أريحية ويصدم مركبة شقيقتها ويختطفها بمركبتها ويطعنها في الطريق ثم ينقلها إلى المستشفى غارقة في دمائها ويغادر، دون أن تلمحه دورية واحدة أو رجل أمن واحد؟!
وتبقى هناك مسؤوليات تقع على نواب مجلس الأمة بتشريع أو تعديل القوانين التي تدعم أمان المجتمع، وعلى مؤسسات الدولة الحكومية والأهلية والمدنية بتضافر الجهود نحو محاربة الجريمة والتوعية من مخاطرها والتركيز على هموم واحتياجات الشباب، وعلى الأسر بتربية ومراقبة الأبناء وفق التعاليم الإسلامية الحميدة والعادات والخصال المجتمعية التي جبل عليها آباؤنا وأجدادنا.
فمن خلال ذلك ممكن أن نتسلح بمواجهة جرائم القتل، وفيما عدا ذلك، فالضحية المقبلة قد يكون أحدنا!
بقلم ناشر «جرائم ومحاكم» الصحفي/ عبدالكريم أحمد