«الدستورية» ترفض 3 طعون بأداء التأمين و «أسواق المال» و «النفايات الطبية»

• المحكمة: نصوص القانون المدني جاءت لحماية المؤمن له.. والمشرع لم يجز مخالفة أحكامها أو تعديلها إلا لمصلحته أو لمصلحة المستفيد

• نص المادة 125 من قانون هيئة أسواق المال «بمعاقبة من يدعي اتخاذ الهيئة لقرار أو إجراء لم تتخذه واقعا» جاء واضحا بتحديد الركن المادي لجريمة الادعاء على خلاف الحقيقة

• ما تضمنه قرار «إلزام القطاع الأهلي بمعالجة النفايات الطبية» من تكلفة لا يعد رسما ولا مبلغا ثابتا تلتزم به المنشآت الصحية

• التكلفة بحقيقتها ثمن الخدمة المطلوبة من الشركة المكلفة من الوزارة بإدارة محطة المعالجة

رفضت المحكمة الدستورية اليوم، طعنا مقاما من إحدى شركات التأمين، طالبت فيها بعدم دستورية الفقرة الثالثة من المادة 791 من القانون المدني فيما تضمنته من إلزام المؤمن بأداء مبلغ التأمين وحرمانه من طلب إبطال العقد إذا ظهرت الحقيقة بعد تحقق الخطر دون تفرقة بين المؤمن له حسن النية والمؤمن له سيء النية، على قول من الطاعن بأن هذه الفقرة تخالف المادتين 7 و8 من الدستور.

وأقامت الشركة طعنها على خلفية دعوى تجارية مقامة من أحد البنوك المحلية طالبها فيها بأداء باقي قيمة قرض مواطن مؤمن لديها وتوفي بعد سداده بعض أقساط القرض دون سدادها كاملة.

وأرجعت المحكمة حكمها إلى أن المشرع كان قد نظم عقد التأمين في القانون المدني في المواد من 773 حتى 809، وجاءت نصوص هذه المواد – على ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون – تهدف في مجموعها إلى حماية المؤمن له، فلم يجز – في المادة 1/808 منه – مخالفة أحكامها أو تعديلها إلا أن يكون ذلك لمصلحة المؤمن له أو المستفيد، وفي مقابل ذلك وضع التزامات على عاتق المؤمن له في المادة 790 من القانون، منها أن يبين بوضوح وقت إبرام العقد كل الظروف المعلومة له والتي يهم المؤمن معرفتها ليتمكن من تقدير المخاطر التي يأخذها على عاتقه، باعتبار أن الخطر المؤمن منه هو العنصر الجوهري في التأمين، وحدد في المادة 791 الجزاء المترتب على الإخلال بهذا الالتزام إذا سكت المؤمن له عن أمر أو قدم بيانا غير صحيح، وكان من شأن ذلك أن يتغير موضوع الخطر أو تقل أهميته في نظر المؤمن، وجعل هذا الجزاء هو أن يكون العقد قابلا للإبطال لمصلحة المؤمن، دون أن يفرق في ذلك بين المؤمن له حسن النية والمؤمن له سيئ النية، لكنه قصر هذا الجزاء في الفقرة الثانية من المادة على حالة انكشاف الحقيقة قبل تحقق الخطر، فأجاز للمؤمن أن يطلب ابطال العقد بعد عشرة أيام من تاريخ إخطاره المؤمن له بذلك بكتاب موصى عليه، إلا إذا قبل هذا الأخير زيادة في القسط تتناسب مع الزيادة في الخطر، ولم يجعل لإبطال العقد في هذه الحالة أثرا رجعيا – خلافا لما تقضي به القواعد العامة – فيبقى المؤمن ملتزما بضمان الخطر، كما يبقى المؤمن له ملتزما بدفع الأقساط إلى يوم إبطال العقد، فلا يلتزم المؤمن أن يرد من الأقساط التي حصل عليها إلا القدر الذي لم يتحمل في مقابله بخطر ما، لكن المؤمن له يستطيع أن يدرأ طلب الإبطال إذا هو قبل زيادة في القسط تتناسب مع الزيادة في الخطر.

وأضافت المحكمة: «وجاءت الفقرة الثالثة من المادة 791 – المطعون فيها – لتقرر الجزاء في حالة ما إذا كانت الحقيقة لم تظهر إلا بعد تحقق الخطر، فلم تجز للمؤمن في هذه الحالة طلب إبطال العقد، ذلك أن الخطر قد تحقق والعقد قائم وأصبح التزام المؤمن بالتعويض واجب الأداء، فلا يستطيع التحلل منه بالإبطال اتساقا مع طبيعة البطلان الذي أتى به المشرع في هذه المادة والذي لا يرتب أثره إلا بالنسبة للمستقبل، لكن لما كانت الأقساط التي دفعها المؤمن له لا تتناسب مع الخطر المؤمن منه، فإن المؤمن لا يدفع من التعويض إلا ما يتناسب مع هذه الأقساط، فأوجب المشرع تخفيض مبلغ التأمين بنسبة معدل الأقساط التي أديت فعلا إلى معدل الأقساط التي كان يجب أن تؤدى لو كانت المخاطر قد أعلنت إلى المؤمن على وجه صحيح، دون تفرقة بين حالة المؤمن له سيئ النية وحالة المؤمن له حسن النية، وهو ذات النهج الذي اتبعه المشرع في تقرير جزاء الإبطال، وقد راعى المشرع في ذلك أن المؤمن باعتباره الطرف القوي في عقد التأمين يملك أن يضمن عقد التأمين ما يشاء من شروط لتحديد نطاق الخطر المؤمن منه وشروط ضمانه، ولا يملك المؤمن له إلا قبول هذه الشروط طالما أنها لا تخالف القانون، فضلاً عما يملكه من اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتحقق من صحة البيانات التي يدلي بها المؤمن له، فإذا أبرم العقد وفقا للشروط التي وضعها المؤمن وبعد تحققه من صحة البيانات المقدمة إليه من المؤمن له، واستمر العقد حتى تحقق الخطر فظهرت حقيقة عدم صحة بعض هذه البيانات، فإن المشرع ارتأى في هذه الحالة إفساح المجال لاستبقاء العقد وترتيب آثاره مع تخفيض مبلغ التأمين الذي يلتزم به بما يتناسب مع ذلك، وترك الأمر للقضاء لتقدير هذه النسبة بما يحقق العدل بين الطرفين فلا يكون التنظيم التشريعي الذي ارتاه المشرع في هذا الشأن مخالفا للمادتين 7 و8 من الدستور».

‏أسواق المال

ورفضت المحكمة الدستورية كذلك طعنا طالب بعدم دستورية المادة 125 من القانون 7 لسنة 2010 بإنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية، فيما تضمنته من معاقبة كل شخص ادعى على خلاف الحقيقة بأن الهيئة قامت باتخاذ أي إجراء أو قرار لم تقم باتخاذه في الواقع.

واعترض الطعن على عدم تحديد هذه المادة للأفعال المؤثمة بصورة قاطعة بما يحول دون التباسها بغيرها، بالمخالفة للمواد 30 و32 و36 من الدستور حسب تصور مقيمه.

وأرجعت المحكمة حكمها إلى أن المشرع قد عاقب بموجب النص المطعون فيه كل شخص ادعى – على خلاف الحقيقة – بأن الهيئة قامت باتخاذ أي إجراء أو قرار لم تقم باتخاذه في الواقع، وجاء النص واضحا في تحديد الركن المادي المتطلب لهذه الجريمة، وهو القيام بعمل إيجابي يتمثل في الادعاء باتخاذ هيئة أسواق المال إجراء أو قرار يتعلق بنشاطها الذي تمارسه وفقا لأحكام هذا القانون وأن يثبت أنها لم تقم باتخاذ هذا الإجراء أو القرار في حقيقة الأمر، فإذا كانت قد اتخذته بالفعل فإن الركن المادي للجريمة لا يتحقق.

وأضافت المحكمة: «ولما كانت هذه الجريمة هي جريمة عمدية فإنه يتعين أن يقترن هذا الفعل بقصد جنائي يتمثل في اتجاه إرادة الجاني وانصراف قصده إلى تغيير الحقيقة بنسبة أفعال إلى الهيئة لم تقم بها مع علمه بذلك، ويقع على عاتق سلطة الاتهام التدليل على توافر الجريمة بأركانها على النحو سالف البيان».

وأشارت إلى أنها تلتزم بالتحقق بنفسها من ذلك على ضوء تقديرها للأدلة التي تطرح عليها، الأمر الذي يكون معه النعي على النص المطعون فيه بعدم وضوح الأفعال المؤثمة وعدم تحديدها بما من شأنه التباسها بغيرها من الأفعال، هو ادعاء لا يقوم على سند صحيح.

النفايات الطبية

كما رفضت المحكمة طعنا أقامه رئيس مجلس إدارة اتحاد أصحاب المهن الطبية الأهلية ضد قرار وزير الصحة 196 لسنة 2022 بإلزام مؤسسات القطاع الطبي الأهلي بمعالجة النفايات الطبية الناتجة عن أعمالها في وحدة معالجة النفايات الطبية التابعة للوزارة وعن طريق التعاقد مع الشركة المكلفة من قبلها، وحظر منح أو تجديد التراخيص الصحية لكافة مؤسسات القطاع الطبي الأهلي إلا بعد تقديم شهادة تفيد التعاقد مع تلك الشركة.

وأقام الطاعن طعنه على قول منه إن هذا القرار يتعارض مع حق الملكية المصان دستوريا، ويخالف أحكام قانون حماية المنافسة لتقييده المنافسة الحرة، والمادة 56 من قانون مزاولة مهنة الطب التي أوجبت على مؤسسات القطاع الطبي الأهلي التخلص الآمن من النفايات الطبية دون قصر ذلك على التعاقد مع شركة بعينها.

وأضاف الطاعن بأن القرار جاء معيبا باستخدام السلطة لتحديده تكاليفا باهظة للتعاقد مع الشركة المكلفة من قبل الوزارة، ما من شأنه الإضرار بمصالح مؤسسات القطاع الطبي، مشيرا إلى ان الاتحاد تظلم من ذلك دون جدوى.

وأرجعت المحكمة حكمها إلى أن الثابت أن وزارة الصحة قد أسندت إلى إحدى الشركات الخاصة «بموجب العقد الذي أبرمته معها بعد ترسية المزايدة عليها» أعمال إدارة وتشغيل وصيانة محطة معالجة النفايات الطبية التابعة لها، وبالبناء على ذلك أصدر وزير الصحة القرار الوزاري المطعون فيه والذي حظر منح أو إصدار أو تجديد التراخيص الصحية لكافة المنشآت العلاجية الصحية بكافة أنواعها وتخصصاتها ومصانع ومستودعات وشركات الأدوية والصيدليات بالقطاع الطبي الأهلي إلا بعد تقديم شهادة من الإدارة المختصة تفيد التعاقد مع تلك الشركة لمعالجة النفايات الطبية والأدوية والمستهلكات الطبية الخاصة بهم، على أن تكون مدة العقد هي ذات المدة الممنوحة للترخيص، ولم يجز أن تزيد تكلفة معالجة النفايات والأدوية والمستهلكات الطبية المتفق عليها في ذلك العقد على الحد الأعلى الوارد بالملحق المرفق بالقرار، فإن ما تضمنه القرار بخصوص تكلفة معالجة النفايات المشار إليها لا يعد رسما، إذ أنه ليس مبلغا ثابتا تلتزم به جميع المنشآت الصحية وإنما يتم تقديره وفقا لاعتبارات اقتصادية بحتة ينظر فيها إلى طبيعة النفايات المطلوب معالجتها وكميتها، وتكون حقيقة هذه التكلفة أنها ثمن الخدمة التي تطلبها المنشأة الطبية من الشركة المكلفة من قبل وزارة الصحة بإدارة محطة المعالجة لمعالجة النفايات الخاصة بها، فلا تدخل في مفهوم الرسوم التي لا يكون إنشاؤها إلا في حدود القانون.

وأضافت المحكمة بأن القرار المطعون فيه لم يفرض مقابلا معينا على المنشآت الصحية تلتزم بدفعه لتلك الشركة، وإنما وضع حدا أعلى لا يجوز تجاوزه في العقد المبرم بين الطرفين، الأمر الذي يكون معه الادعاء بأن القرار المطعون فيه قد فرض رسما على المنشآت الصحية بالمخالفة للمادة 134 من الدستور على غير سند صحيح، وهو ما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.

 

أرسل الخبر أو إطبعه عبر أحد هذه الخيارات:

اقرأ أيضا

«الاستئناف» تعيد حضانة فتيات إلى أمهن وترفض استخدام أبيهن لأدلة هاتفية غير صالحة

• الرفاعي: المحكمة رفضت محاولته استخدام محادثات وتسجيلات لتجريد موكلتي من حضانتها • ادعاء زواج …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *