المحكمة: لا ظروف استفحلت في غياب المجلس تتيح ضرورة إصدار القانون
المحامي عادل عبدالهادي: على الحكومة التنبه لأدائها ومحاسبة المسؤولين
استعجال السلطة التنفيذية بإقرار المراسيم.. توجها أرعنا وتدخلا سافرا في عمل المشرع
خطأ الحكومة تسبب بإسقاط هيئة وطنية أساسية لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية
أصدرت المحكمة الدستورية اليوم حكما بعدم دستورية المرسوم بالقانون رقم 24 لسنة 2012 بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية.
وذكرت هيئة المحكمة برئاسة المستشار يوسف المطاوعة في حيثيات حكمها أنه كان الواضح في المرسوم المطعون فيه أنه ليس في المسائل التي تناولها بالتنظيم ما يوجب الإسراع في اتخاذ إجراء تشريعي عاجلا يتحمل الأناة والانتظار.
وأضاف حكم المحكمة: إن ما تناولته المذكرة الإيضاحية للمرسوم المطعون فيه وإن جاز أن تندرج ضمن البواعث والأهداف التي تدعو سلطة التشريع الأصلية إلى سن قواعد قانونية في مجال مكافحة الفساد ومعالجة أسبابه، إلا أنه لا يصلح بذاته سندا لقيام حالة الضرورة المبررة لإصدار هذا المرسوم بقانون، خاصة أنه لم يطرأ من الأحداث أو الظروف، أو ما يشير إلى أن أمورا معينة قد تفاقمت أو أوضاعا قائمة قد استفحلت خلال غيبة مجلس الأمة يمكن أن تتوفر معها تلك الضرورة التي تبيح استعمال رخصة التشريع الاستثنائية المقررة بالمادة 71 من الدستور.
وتابعت: كما أن المرسوم المطعون عليه لم يتضمن في أحكامه ما يشير إلى اتخاذ إجراءات عاجلة ذات أثر فعال تتماشى مع مبررات إصداره، فإن هذا المرسوم بقانون وإذ صدر استنادا إلى المادة المشار إليها وعلى خلاف الأوضاع المقررة فيها يكون مشوبا بمخالفة الدستور من الوجهة الشكلية، وحق القضاء ومن ثم بعدم دستوريته، ودون أن يغير من ذلك أن يكون مجلس الأمة قد أقره، ذلك أن إقرار المجلس لهذا المرسوم لا يسبغ عليه المشرويعة الدستورية ولا يطهره من العوار الذي لحق به على نحو ما كشفت عنه هذه المحكمة آنفا من الوجهة الدستورية.
وأكملت: لا حاجة من بعد إلى التعرض إلى باقي ما أثاره الطاعن من مطاعن دستورية على ما يتعلق بنصوص هذا المرسوم من الوجهة الموضوعية لزوال تلك النصوص التي كانت محلا لهذه المطاعن بقضاء هذه المحكمة بعدم دستورية المرسوم برمته.
وتعليقا على الحكم، صرح وكيل الطاعن المحامي عادل عبدالهادي بقوله: كنا واثقين منذ إعداد صحيفة الطعن بأننا نتقدم على خطى ثابتة ومتوافقة مع الدستور والقانون والمصلحة العامة التي هي الهدف الأسمى في إقامة هذا الطعن، وقد جاء حكم المحكمة الدستورية اليوم مؤكدا ومنسجما مع منهجنا في صحيفة الطعن، وعليه فإننا نتقدم بالشكر لهيئة المحكمة الدستورية لانتصارها للدستور بتعزيز دورها بالرقابة على مدى شرعية مراسيم الضرورة وعدم تركها لقرار منفرد يصدر من السلطة التنفيذية.
وأضاف عبدالهادي: لقد اعتبرت المحكمة أن هذا التصرف هو تدخل في عمل المشرع العادي وأكدت مبدأ أنه وإن عرض المرسوم ذاته على مجلس الأمة وأقره فذلك لا يعتبر مسوغا لمشروعيته ولا يطهره من العوار الذي لحق به.
وتابع: بصدور قرار المحكمة الدستورية بقبول الطعن المقدم منا وإلغاء القانون المطعون عليه، تكون المحكمة الدستورية قد دعمت الرسالة التي لطالما كررناها للسلطة التنفيذية بأن توجهها في الاستعجال باتخاذ أي إجراء يتعلق بإصدار أو إقرار أية قوانين أو مراسيم دون التدقيق والمراجعة القانونية الصحيحة هو توجه أرعن وتدخل سافر في عمل المشرع العادي ما أدى إلى إسقاط هيئة وطنية أساسية وضرورية ذات هدف سامي يتجسد بمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في الجهات الرسمية.
وزاد: أما عن الإجراءات التي لوّحت بها الحكومة يوم أمس وإصدارها لتعليمات بفرض الحراسة على مبنى الهيئة العامة لمكافحة الفساد ومنع الدخول إلى المبنى ووضع يدها على كل المحتويات ووضعها في خزائن حديدية وتشميعها بالشمع الأحمر ريثما يصدر قانون إنشاء هيئة مكافحة الفساد الجديد، فإنني أرى أن تصريحها جاء متسرعا وفي غير محله ويبدو منه أن هدف الحكومة كان إبراز القوة وحسب، حيث أنه وبموجب حكم المحكمة الدستورية سيتوجب أساسا على أعضاء هيئة مكافحة الفساد حماية المعلومات وحراستها.
وأكمل عبدالهادي: أما ما يشار إليه عن وجود قانون جديد معروض على السلطة التشريعية، فإذا كانت الحكومة جادة فعليا بإعداد قانون صحيح وفاعل لمكافحة الفساد في الكويت، فإنني أنصح الأطراف المعنية بإعداد وإقرار القانون الجديد توخي الدراسة والتدقيق القانوني الواجبين لنتفادى الوقوع في المطب ذاته مرة أخرى.
وانتهى بقوله: وكما ذكرت في تصريحي السابق عن الموضوع ذاته، يفترض على الحكومة التنبه لأدائها ومحاسبة الأطراف والمستشارين المسؤولين عن إعداد وإصدار القانون المطعون عليه.

